المهلب: ويلكم يا أهل العراق! أفسدتم علينا العراق ثم أتيتمونا ونحن في نحر العدو ليتفرقوا جماعتنا، تبا لكم من قوم ما أضل حلومكم! فناداه أصحاب ابن الأشعث وقالوا: أدر عنك يا مروزي! فإنا ندعوك إلى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال يزيد: ويلكم من هذا الذي يرغب عن كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم! ثم قال: يا هؤلاء مهلا! فإني قد أجلتكم ثلاثا فتنظروا في أمركم، فقالوا: لا ولا ساعة من نهار، ثم عطعطوا وضجوا، فقال يزيد: اللهم! إني استنصرك عليهم، ثم حمل والتقى الجمعان فاقتتلوا قتالا شديدا، فقتل من أصحاب ابن الأشعث بشعر كثير، وأسر منهم جماعة.
وفيمن أسر منهم: محمد بن سعد بن أبي وقاص، وعياش (1) بن الأسود بن عوف الزهري، و [عمر بن] (2) موسى بن عبيد الله (3) بن معمر التميمي،، وعتبة بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن سمرة، وجماعة من قبائل مضر واليمن، فأما اليمانية فأطلقهم يزيد بن المهلب، وأما المضرية فشدهم في الحديد ووجههم إلى الحجاج (4).
قال: فقدم بالأسارى على الحجاج، والحجاج يومئذ بواسط العراق، فأول من قدم إليه محمد بن سعد بن أبي وقاص وقد كان يلقب بظل الشيطان من طوله، فلما رآه الحجاج قال: يا ظل الشيطان! كيف رأيت صنيع الله بك؟ ثم التفت الحجاج إلى جلسائه فقال: إن هذا رغب عن يزيد بن معاوية وزعم أنه أحق بالامر منه، يتشبه بالحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ثم ما زال يركض في الفتن إلى أن تبع حوالي كندة وصار مؤدبا (5) للظالمين.
قال فقال محمد بن سعد: أيها الأمير! إنك قد ظفرت، فإن تعف فقد أمر الله عز وجل بالعفو، وإن تقتل فقد قدرت، فقال الحجاج: أبعدوه من بين يدي وهاتوا غيره، قال: فأتي بعتبة بن عبيد الله (6) بن عبد الرحمن بن سمرة، فقال له