للشاهد بعد ذلك: هل كان من هذا شيء؟ قال: لا والله! ولكني رأيت موضعا رجوت فيه الفرج.
قال: ثم قدم إليه قيس بن مسعود بن عطارد التميمي ومعه ابنه وابن أخيه، فلما رآه الحجاج قال: أمسعود؟ قال: نعم أيها الأمير! قال: ما ظننتك إلا عند صهرك أبي حفص عمر بن محمد بن الحكم بأرض البلقاء، ثم قال الحجاج:
اعزلوهم ناحية. فقال يزيد بن أبي كبشة السكسكي - كان جالسا عن يمين الحجاج - فقال: سبحان الله! (أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر) (1)؟ [فقال الحجاج]: أظننت أني إنما عزلتهم لمصاهرتهم إيانا، ردوهم، فضربت أعناقهم.
قال: ثم قدم إليه عمران بن عصام العنبري فقال له الحجاج: أعمران؟ قال:
نعم أيها الأمير! قال: ألم أقدم العراق وأنت صعلوك فشرفتك، وزوجتك سيدة نساء قومها ماوية بنت مقاتل بن مسمع ولست لها بكفوء؟ قال: قد كان ذلك، قال: فلما أخرجك علي؟ قال: الشقاء، قال: صدقت، ثم قدم فضربت عنقه.
فكان آخر من قدم إليه في ذلك اليوم رجل زعمت كندة أنه منهم، فلما وقف بين يدي الحجاج رفع صوته فقال: ما لك يا حجاج لا جزاك الله عن الاسلام والقرآن وآية خيرا، قال الحجاج: ولم ذلك؟ ويلك! قال: لأنك لم تأخذ فينا بقول الله تعالى إذ يقول: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) (2) فنحن الذين كفروا بزعمك، فلا والله ما مننت ولا فديت! قال فقال الحجاج: ما له لعنه الله فلقد خصمني! قال: ثم التفت الحجاج إلى جلسائه فقال: ويحكم! أما كان فيكم أحد يتلو هذه الآية حتى تلاها هذا المنافق؟ خلوا سبيله وسبيل من بقي من الأسارى بقول ذلك الرجل.
قال: ومر ابن الأشعث منهزما حتى صار إلى السوس ثانية فنزلها في جميع أصحابه الذين بقوا معه. وأقبل الحجاج منصرفا على شاطئ الدجلة حتى صار إلى موضع مدينة واسط، فنزل هنالك ثم قال: هذا منزل وسط بين البصرة والكوفة والأهواز والمدائن، ثم أمر فبني له بها قصرا ومسجدا فسمي واسطا إلى يومنا