قال: فكتب الحجاج (1): أما بعد، فقد جاءني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه سرفي في القتل وبذري (2) في الأموال، ولعمري ما بلغت حقوق أهل الطاعة ولا عقوبة أهل المعصية! فإن كان قتلي العصاة سرفا وإعطائي المطيعين تبذيرا فليجعل أمير المؤمنين في ذلك حدا لا أعدوه إلى غيره، وبعد يا أمير المؤمنين فإني ما قتلت إلا فيك، ولا أعطيت إلا لك، وما قتلت عمدا فأقاد به ولا خطأ فآتي فيه الدية - والسلام -.
ثم أجابه عن أبياته وهو يقول (3):
إذا أنا لم أطلب رضاك واتقي * أذاك فيومي لا توارى كواكبه ولا أنا من يعطي الخليفة حبه * يعد من الامر الذي هو راهبه (4) وإن قارف الحجاج فيك خطية * فقامت عليه في الصباح نواديه إذا أنا لم أذن الشفيق لنصحه * وأقصي الذي تسري إلي عقاربه فمن يبغني يوما ويرجو مروتي * ويحذرني والدهر جم نوائبه فأمري إليك اليوم ما قلت قلته * وما لم تقله لي فإني مجانبه فقف لي على حد الرضا لا أجوزه * مدى الدهر حتى يرجع الدر حالبه وإلا فذرني والأمور فإنني * شفيق رفيق أحكمته تجاربه قال: فلما ورد الكتاب على عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج أن اعمل برأيك - والسلام - (5).
قال: فاستقامت العراق جميعا للحجاج. فلم يكن أحد يناويه ولا يخرج عن طاعته، فأنشأ الفرزدق بن غالب يقول في ذلك:
إن ابن يوسف محمود صنائعه * سيان معروفه في الناس والمطر