الحجاج: يا بن الفاسق الدجال! كيف رأيت صنيع الله فيك وفي أبيك من قبل؟
قال: فسكت ولم يقل شيئا، فقال: أبعدوه عني، فأبعدوه. وأتي بعياش (1) بن الأسود بن عوف الزهري، فلما رآه الحجاج قال: هذا والله المجهول في الجماعة المعروف في الفتنة، والله لقد وليت العراق سبع سنين فما علمت أن لهذا والدا يعرف. قال: ولم يزل الحجاج يوبخ رجلا بعد رجل ويقول فيه القبيح، ثم أمر الحجاج فضربت أعناقهم إلا نفرا منهم، سأله فيهم قوم فوهبهم لهم.
قال: ثم دعا الحجاج عمارة بن تميم اللخمي فضم إليه جيشا وأمره بالمسير إلى ابن الأشعث وأن يطلبه حيث كان، قال فسار إليه عمارة، وكتب ابن الأشعث إلى رتبيل ملك الداور: أما بعد فإن عساكر الحجاج قد سارت إلى ما قبلي، وإني قد عزمت على مصالحتك على أني قد ملكتك البلاد ولا جزية عليك - والسلام -.
قال: فأجابه رتبيل (2) إلى ذلك وكتب إليه: إن أردت هذا ففرق من كان معك في البلاد من أصحابك وهلم إلي، فكن عندي إلى أن تنظر ما يكون من أمر الحجاج. قال: ففرق ابن الأشعث أصحابه في بلاد الداور ثم أقبل فيمن بقي معه حتى صار إلى رتبيل، فأكرمه رتبيل وقربه وأحسن إليه.
قال: وإذا كتاب الحجاج قد ورد على رتبيل: أما بعد فإن ابن الأشعث قد صار إلى ما قبلك، وقد وجهت إليك بعمارة بن تميم اللخمي في ثلاثين ألفا من أهل الشام لم يخلعوا طاعة ولم يبايعوا إمام الضلالة، يستعظمون الحرب استعظاما، ويقدمون عليها إقداما، فإذا قدموا بلدك فسلم إليهم ابن الأشعث وأنت آمن في بلدك أبدا ما بقيت، لا يؤخذ منك الجزية، ولا يغزوك أحد من العرب، وتعطى في كل سنة خمسمائة ألف درهم.
قال: فلما ورد كتاب الحجاج على رتبيل وثب على ابن الأشعث في ستة وعشرين رجلا من أهل بيته، فشدهم في الحديد. قال: وبلغ ذلك أصحاب ابن الأشعث المتفرقين في البلاد فهربوا، فمنهم من قتل، ومنهم من أفلت. ثم وجه رتبيل (3) بابن الأشعث وبأهله مليكة بنت يزيد العامري ومن معه إلى عمارة بن تميم