ابن جبير، عن ابن عباس، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، واليهود تقول: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يعذب الله الناس في النار بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب. فأنزل الله في ذلك من قولهم: {وقالوا: لن تمسنا النار إلا أيام معدودة، قل: أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون، بلى كسب سيئة وأحاطت به خطيئته}: أي من عمل بمثل أعمالكم، وكفر بمثل ما كفرتم به، حتى يحيط كفره بماله عند الله من حسنة {فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} أي خلدا أبدا {والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون} أي من آمن بما كفرتم به، وعمل بما تركتم من دينه، فلهم الجنة خالدين فيها. يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا، ولا انقطاع له.
قال ابن إسحاق: ثم قال [الله عز وجل] يؤنبهم: {وإذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل}، أي ميثاقكم {لا تعبدون إلا الله، وبالوالدين إحسانا وذي القربى اليتامى والمساكين، وقولوا للناس حسنا، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون}، أي تركتم ذلك كله ليس بالتنقص {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم}.
قال ابن هشام: تسفكون: تصبون. تقول العرب: سفك دمه، أي صبه، وسفك الزق، أي هراقه. قال الشاعر:
وكنا إذا ما الضيف حل بأرضنا * سفكنا دماء البدن في تربة الحال قال ابن هشام: يعنى بالحال: الطين الذي يخالطه الرمل، وهو الذي تقول له العرب: السهلة، وقد جاء في الحديث: أن جبريل لما قال فرعون:
{آمنت أن لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل - 90 من سورة يونس} أخذ من حال بالبحر [وحمأته]، فضرب به وجه فرعون. [والحال: مثل الحمأة].