قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي، عن محمد بن كعب القرظي، عن محمد بن خيثم أبى يزيد، عن عمار بن ياسر، قال: كنت أنا وعلى ابن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها، رأينا أناسا من بنى مدلج يعملون في عين لهم وفى نخل، فقال لي على ابن أبي طالب، يا أبا اليقظان، هل لك في أن نأتى هؤلاء القوم، فننظر كيف يعملون؟ قال: قلت: إن شئت، قال: فجئناهم، فنظرنا إلى عملهم ساعة، ثم غشينا النوم، فانطلقت أنا وعلى حتى اضطجعنا في صور من النخل، وفى دقعاء من التراب فنمنا، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: مالك يا أبا تراب، لما يرى عليه من التراب، ثم قال:
ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، الذي يضربك يا علي على هذه - ووضع يده على قرنه - حتى يبل منها هذه، وأخذ بلحيته.
قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض أهل العلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمى عليا أبا تراب أنه كان إذا عتب على فاطمة في شئ لم يكلمها ولم يقل لها شيئا تكرهه، إلا أنه يأخذ ترابا فيضعه على رأسه، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى عليه التراب عرف أنه عاتب على فاطمة، فيقول: مالك يا أبا تراب؟ فالله أعلم أي ذلك كان.
سرية سعد بن أبي وقاص قال ابن إسحاق: وقد كان بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين ذلك من غزوة سعد بن أبي وقاص، في ثمانية رهط من المهاجرين، فخرج حتى بلغ الخرار من أرض الحجاز، ثم رجع ولم يلق كيدا.