ابن سعية، وأسد بن عبيد، ومن أسلم من يهود معهم، فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الاسلام، ورسخوا فيه، قالت أحبار يهود، أهل الكفر منهم: ما آمن بمحمد ولا اتبعه إلا شرارنا، ولو كان من أخيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى [دين] غيره. فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم: {ليسوا سواء، من أهل الكتاب أمه قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون - 113 من سورة آل عمران}.
قال ابن هشام: آناء الليل: ساعات الليل، وواحدها: إني. قال المتنخل الهذلي، واسمه مالك بن عويمر، يرثى أثيلة ابنه:
حلو ومر كعطف القدح شيمته * في كل إني قضاه الليل ينتعل وهذا البيت في قصيدة له. وقال لبيد بن ربيعة، يصف حمار وحش:
يطرب آناء النهار كأنه * غوى سقاه في التجار نديم وهذا البيت في قصيدة له، ويقال: إني (مقصور)، فيما أخبرني يونس.
{يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات، وأولئك من الصالحين - 114 آل عمران}.
قال ابن إسحاق: وكان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود، لما كان بينهم من الجوار والحلف [في الجاهلية]، فأنزل الله تعالى فيهم ينهاهم عن مباطنتهم: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا، ودوا ما عنتم، قد بدت البغضاء من أفواهم، وما تخفى صدورهم أكبر، قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون * ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم، وتؤمنون بالكتاب كله}، أي تؤمنون بكتابكم وبما مضى من الكتب قبل ذلك، وهم يكفرون بكتابكم، فأنتم كنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم {وإذا لقوكم قالوا آمنا، وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ، قل موتوا بغيظكم - 118 و 119 من سورة آل عمران} إلى آخر القصة.