صلى الله عليه وسلم واضع لها زمامها لا يثنيها به، ثم التفتت [إلى] خلفها، فرجعت إلى مبركها أول مرة، فبركت فيه، ثم تلحلحت وأرزمت ووضعت جرانها، فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاحتمل أبو أيوب خالد بن زيد رحله فوضعه في بيته، ونزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأل عن المربد لمن هو؟ فقال له معاذ بن عفراء: هو يا رسول الله لسهل وسهيل ابني عمرو، وهما يتيمان لي، وسأرضيهما منه، فاتخذه مسجدا.
قال: فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى مسجدا، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبى أيوب حتى بنى مسجده ومساكنه، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرغب المسلمين في العمل فيه، فعمل فيه المهاجرون والأنصار، ودأبوا فيه، فقال قائل من المسلمين:
لئن قعدنا والنبي يعمل * لذاك منا العمل المضلل وارتجز المسلمون وهم يبنونه يقولون:
لا عيش إلا عيش الآخرة * اللهم ارحم الأنصار والمهاجرة قال ابن هشام: هذا كلام وليس برجز.
قال ابن إسحاق: فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عيش إلا عيش الآخرة، اللهم ارحم المهاجرين والأنصار.
قال: فدخل عمار بن ياسر، وقد أثقلوه باللبن فقال: يا رسول الله، قتلوني، يحملون على مالا يحملون، قالت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفض وفرته بيده، وكان رجلا جعدا، وهو يقول:
ويح ابن سمية! ليسوا بالذين يقتلونك، إنما تقتلك الفئة الباغية.
وارتجز علي بن أبي طالب رضي الله عنه يومئذ:
لا يستوي من يعمر المساجدا * يدأب فيه قائما وقاعدا * ومن يرى عن الغبار حائدا *