الاصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب، يقول الله تعالى {ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون * وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون * وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، وإذا خلوا إلى شياطينهم} من يهود، الذين يأمرونهم بالتكذيب بالحق وخلاف ما جاء به الرسول {قالوا إنا معكم} أي إنا على مثل ما أنتم عليه {إنما نحن مستهزئون} أي إنما نستهزئ بالقوم، ونلعب بهم. يقول الله عز وجل: {الله يستهزئ بهم، ويمدهم في طغيانهم يعمهون}.
قال ابن هشام: يعمهون يحارون. تقول العرب: رجل عمه وعامه: أي حيران، قال رؤبة بن العجاج يصف بلدا:
* أعمى الهدى بالجاهلين العمة * وهذا البيت في أرجوزة له، فالعمه: جمع عامه، وأما عمه، فجمعه عمهون، والمرأة: عمهة، وعمهاء.
{أولئك الذي اشتروا الضلالة بالهدى} أي الكفر بالايمان {فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين} قال ابن إسحاق: ثم ضرب لهم مثلا، فقال تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا، فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون} أي يبصرون الحق ويقولون به، حتى إذا خرجوا به من ظلمة الكفر أطفأوه بكفرهم به، ونفاقهم فيه، فتركهم الله في ظلمات الكفر فهم لا يبصرون هدى، ولا يستقيمون على حق {صم بكم عمى فهم لا يرجعون}، أي لا يرجعون إلى الهدى، صم بكم عمى عن الخير، لا يرجعون إلى خير، ولا يصيبون نجاة، ما كانوا على ما هم عليه {أو كصيب