ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى [يوم] بدر من الأيام، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددا ومددا لا يضربون.
قال ابن إسحاق: وأقبل أبو جهل يومئذ يرتجز، وهو يقاتل ويقول:
ما تنقم الحرب العوان منى * بازل عامين حديث سنى * لمثل هذا ولدتني أمي * قال ابن هشام: وكان شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: أحد أحد.
قال ابن إسحاق: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوة، أمر بأبي جهل [بن هشام] أن يلتمس في القتلى.
وكان أول من لقى أبا جهل، كما حدثني ثور بن يزيد، عن عكرمة عن ابن عباس، وعبد الله بن أبي بكر أيضا قد حدثني ذلك، قالا: قال معاذ ابن عمرو بن الجموح، أخو بنى سلمة: سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة - قال ابن هشام الحرجة: الشجر الملتف. وفى الحديث عن عمر بن الخطاب: أنه سأل أعرابيا عن الحرجة، فقال: هي شجرة بين الأشجار لا يوصل إليها - وهم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه. قال: فلما سمعتها جعلته من شأني، فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أظنت قدمه بنصف ساقة، فوالله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها. قال: وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي، فتعلقت بجلده من جنبي، وأجهضني القتال عنه، فلقد قاتلت عامة يومى، وإني لأسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي، ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها.
قال ابن إسحاق: ثم عاش بعد ذلك حتى كان زمان عثمان.