أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده}، أي أن جعله في غيرهم {فباءوا بغضب على غضب، وللكافرين عذاب مهين}.
قال ابن هشام: فباءوا بغضب أي اعترفوا به واحتملوه. قال أعشى بنى قيس بن ثعلبة:
أصالحكم حتى تبوءوا بمثلها * كصرخة حبلى يسرتها قبيلها [قال ابن هشام: يسرتها أجلستها للولادة] وهذا البيت في قصيدة له.
قال ابن إسحاق: فالغضب على الغضب لغضبه عليهم فيما كانوا ضيعوا من التوراة، وهي معهم، وغضب بكفرهم بهذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي أحدث الله إليهم.
ثم أنبهم برفع الطور عليهم، واتخاذهم العجل إلها دون ربهم، يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين}، أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب عند الله، فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول الله جل ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام: {ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم}، أي بعلمهم بما عندهم من العلم بك والكفر بذلك، فيقال: لو تمنوه يوم قال ذلك لهم ما بقى على وجه الأرض يهودي إلا مات.
ثم ذكر رغبتهم في الحياة الدنيا وطول العمر، فقال تعالى: {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة} اليهود {ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر}، أي ما هو بمنجيه من العذاب وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت، فهو طول الحياة، وأن اليهودي قد عرف ماله في الآخرة من الخزي بما ضيع مما عنده من العلم. ثم قال تعالى:
{قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله}.