صلى الله عليه وسلم يقف على منازل القبائل من العرب، فيقول: يا بنى فلان إني رسول الله إليكم، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد، وأن تؤمنوا بي، وتصدقوا بي، وتمنعوني، حتى أبين عند الله ما بعثني به. قال: وخلفه رجل أحول وضئ، له غديرتان، عليه حلة عدنية، فإذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وما دعا إليه، قال ذلك الرجل: يا بنى فلان إن هذا [الرجل] إنما يدعوكم إلى أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم، وحلفاءكم من الجن من بنى مالك بن أقيش، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة، فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه.
قال فقلت لأبي: يا أبت، من هذا الذي يتبعه ويرد عليه ما يقول؟ قال:
هذا عمه عبد العزى بن عبد المطلب، أبو لهب.
قال ابن هشام: قال النابغة:
كأنك من جمال بنى أقيش * يقعقع خلف رجليه بشن قال ابن إسحاق: حدثنا ابن شهاب الزهري: أنه أتى كندة في منازلهم، وفيهم سيد لهم يقال له: مليح، فدعاهم إلى الله عز وجل، وعرض عليهم نفسه، فأبوا عليه.
قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حصين: أنه أتى كلبا في منازلهم، إلى بطن منهم يقال لهم: بنو عبد الله، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه، حتى إنه ليقول لهم: يا بنى عبد الله، إن الله عز وجل قد أحسن اسم أبيكم، فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أصحابنا عن عبد الله بن كعب بن مالك:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بنى حنيفة في منازلهم، فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه، فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردا منهم.