ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: والله إن هذا لمحمد نائما، عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا، فقام على رضي الله عنه عن الفراش، فقالوا: والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا.
قال ابن إسحاق: وكان مما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك اليوم، وما كانوا أجمعوا له: {وإذ يمكر بك الذين كفرا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك، ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين - 30 من سورة الأنفال}، وقوله الله عز وجل: {أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون * قل تربصوا فإني معكم من المتربصين - 30 و 31 من سورة الطور}.
قال ابن هشام: المنون: الموت، وريب المنون: ما يريب ويعرض منها.
قال أبو ذؤيب الهذلي:
أمن المنون وريبها تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع وهذا البيت في قصيدة له.
قال ابن إسحاق: وأذن الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم عند ذلك في الهجرة.
قال ابن إسحاق: وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا ذا مال، فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعجل، لعل الله يجعل لك صاحبا، قد طمع بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعنى نفسه، حين قال له ذلك، فابتاع راحلتين، فاحتبسهما في داره، يعلفها إعداد لذلك.
قال ابن إسحاق: فحدثني من لا أتهم، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبى بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة وإما عشية، حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، في ساعة كان لا يأتي