فتبعه رجل من بنى بكر، فقتله بدم كان له في قريش، فتكلمت فيه قريش، فقال عامر بن يزيد: يا معشر قريش، قد كانت لنا فيكم دماء، فما شئتم:
إن شئتم فادوا علينا مالنا قبلكم، ونؤدي مالكم قبلنا، وإن شئتم فإنما هي الدماء: رجل برجل. فتجافوا عما لكم قبلنا، ونتجافى عما لنا قبلكم، فهان ذلك الغلام على هذا الحي من قريش، وقالوا: صدق! رجل برجل، فلهوا عنه، فلم يطلبوا به.
قال: فبينما أخوه مكرز بن حفص بن الأخيف يسير بمر الظهران، إذا نظر إلى عامر بن يزيد بن عامر بن الملوح على جمل له، فلما رآه أقبل [إليه] حين أناخ به، وعامر متوشح سيفه، فعلاه مكرز بسيفه حتى قتله، ثم خاض بطنه بسيفه، ثم أتى به مكة فعلقه من الليل بأستار الكعبة، فلما أصحبت قريش رأوا سيف عامر بن يزيد بن عامر معلقا بأستار الكعبة، فعرفوه، فقالوا: إن هذا لسيف عامر بن يزيد، عدا عليه مكرز بن حفص فقتله، فكان ذلك من أمرهم فبينما هم في ذلك من حربهم، حجز الاسلام بين الناس، فتشاغلوا به، حتى أجمعت قريش المسير إلى بدر، فذكروا الذي بينهم وبين بنى بكر فخافوهم.
وقال مكرز بن حفص في قتله عامرا:
لما رأيت أنه هو عامر * تذكرت أشلاء الحبيب الملحب وقلت لنفسي: إنه هو عامر * فلا ترهبيه، وانظري أي مركب وأيقنت أنى إن أجلله ضربة * متى ما أصبه بالفرافر يعطب خفضت له جأشي وألقيت كلكلي * على بطل شاكي السلاح مجرب (1) ولم أك لما التف روعي وروعه * عصارة هجن من نساء ولا أب حللت به وترى، ولم أنس ذحله * إذا ما تناسى ذحله كل عيهب (2) (هامش ص 444) (1) في ا " حفظت له جأشي " (2) في ا " كل غيهب " بالغين معجمة.