يريد بن دار بنى عبد الأشهل، ودار بنى ظفر، وكان سعد بن معاذ بن النعمان ابن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل ابن خالة أسعد بن زرارة، فدخل به حائطا من حوائط بنى ظفر - قال ابن هشام: واسم ظفر كعب بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس.
قالا: على بئر يقال لها: بئر مرق، فجلسا في الحائط، واجتمع إليهما رجال ممن أسلم، وسعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، يومئذ سيد قومهما من بنى عبد الأشهل، وكلاهما مشرك على دين قومه، فلما سمعا به قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير: لا أبالك، انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا، فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا، فإنه لولا أن أسعد بن زرارة منى حيث [ما] قد علمت كفيتك ذلك، هو ابن خالتي ولا أجد عليه مقدما، قال: فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما، فلما رآه أسعد ابن زرارة قال لمصعب بن عمير: هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه، قال مصعب: إن يجلس أكلمه. قال: فوقف عليهما متشتما، فقال: ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة، فقال له مصعب أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره؟
قال: أنصفت، ثم ركز حربته وجلس إليهما، فكلمه مصعب بالاسلام، وقرأ عليه القرآن، فقالا، فيما يذكر عنهما: والله لعرفنا في وجهه الاسلام قبل أن يتكلم، في إشراقه وتسهله، ثم قال: ما أحسن هذا [الكلام] وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلى، فقام فاغتسل وطهر ثوبيه، وتشهد شهادة الحق، ثم قام فركع ركعتين، ثم قال لهما: إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن، سعد بن معاذ، ثم أخذ حربته