ثم يريحها عليهما [يأتيهما] إذا أمسى في الغار، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما.
قال ابن هشام: وحدثني بعض أهل العلم، أن الحسن بن أبي الحسن البصري قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار ليلا، فدخل أبو بكر رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمس الغار، لينظر أفيه سبع أو حية، يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه.
قال ابن إسحاق: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر، وجعلت قريش فيه - حين فقدوه - مائة ناقة، لمن يرده عليهم. وكان عبد الله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم، يسمع ما يأتمرون به، وما يقولون في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر، ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر. وكان عامر بن فهيرة، مولى أبى بكر رضي الله عنه، يرعى في رعيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبى بكر، فاحتلبا وذبحا، فإذا عبد الله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة، اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفى عليه، حتى إذا مضت الثلاث، وسكن عنهما الناس، أتاهما صاحبهما الذي استأجراه ببعيرهما وبعير له، وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصاما. فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها عصام، فتحل نطاقها فتجعله عصاما، ثم علقتها به.
فكان يقال لأسماء بنت أبي بكر: " ذات النطاق " لذلك.
قال ابن هشام: وسمعت غير واحد من أهل العلم يقول: ذات النطاقين.
وتفسيره: أنها لما أرادت أن تعلق السفرة شقت نطاقها باثنين، فعلقت السفرة بواحد، وانتطقت بالآخر.
قال ابن إسحاق: فلما قرب أبو بكر، رضي الله عنه، الراحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم له أفضلهما ثم قال: اركب، فداك أبي