قال ابن إسحاق: وعثمان بن عبد الله بن المغيرة، وأخوه نوفل بن عبد الله، المخزوميان، والحكم بن كيسان، مولى هشام بن المغيرة.
فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم، فأشرف لهم عكاشة ابن محصن، وكان قد حلق رأسه فلما رأوه أمنوا، وقالوا: عمار، لا بأس عليكم منهم. وتشاور القوم فيهم، وذلك في آخر يوم من رجب، فقال القوم: والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم، فليمتنعن منكم به، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام، فتردد القوم، وهابوا الاقدام عليهم، ثم شجعوا أنفسهم عليهم، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم، وأخذ ما معهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان، وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة.
وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش: أن عبد الله قال لأصحابه: إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمنا الخمس - وذلك قبل أن يفرض الله تعالى الخمس من المغانم - فعزل لرسول الله صلى الله عليه وسلم خمس العير، وقسم سائرها بين أصحابه.
قال ابن إسحاق: فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، قال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام، فوقف العير والأسيرين، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا، فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا، وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام، وسفكوا فيه الدم، وأخذوا فيه الأموال، وأسروا فيه الرجال، فقال من يرد عليهم من المسلمين، ممن كان بمكة: إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان.