أتى بثلاث آنية، إناء فيه لبن، وإناء فيه خمر، وإناء فيه ماء. [قال]: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فسمعت قائلا يقول حين عرضت على: إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته، وإن أخذ اللبن هدى وهديت أمته. قال: فأخذت إناء اللبن، فشربت منه، فقال لي جبريل عليه السلام: هديت وهديت أمتك يا محمد.
قال ابن إسحاق: وحدثت عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينا أنا نائم في الحجر [إذ] جاءني جبريل فهمزني بقدمه، فجلست فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه، فجلست فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه، فجلست، فأخذ بعضدي، فقمت معه، فخرج [بي] إلى باب المسجد، فإذا دابة أبيض، بين البغل والحمار، في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه، يضع يده في منتهى طرفه، فحملني عليه، ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته.
قال ابن إسحاق: وحدثت عن قتادة أنه قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما دنوت منه لأركبه شمس، فوضع جبريل يده على مغرفته، ثم قال: ألا تستحي يا براق مما تصنع، فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه. قال: فاستحيا حتى ارفض عرقا، ثم قر حتى ركبته.
قال الحسن في حديثه: فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومضى جبريل عليه السلام معه حتى انتهى به إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم، ثم أتى بإناءين، في أحدهما خمر، وفى الآخر لبن. قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إناء اللبن، فشرب منه، وترك إناء الخمر. قال: فقال له جبريل:
هديت للفطرة، وهديت أمتك [يا محمد]، وحرمت عليكم الخمر.
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فلما أصبح غدا على