إن أمرك لعجب! [قال]: ثم قال بعضهم لبعض: إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم الله بينكم وبينه. قال: ثم تفرقوا.
فقال أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: [والله] يا بن أخي، ما رأيتك سألتهم شططا، قال: فلما قالها أبو طالب طمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إسلامه، فجعل يقول له: أي عم، فأنت فقلها أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة. قال: فلما رأى حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بن أخي، والله لولا مخافة السبة عليك وعلى بنى أبيك من بعدي، وأن تظن قريش أنى قلتها جزعا من الموت لقلتها، لا أقولها إلا لأسرك بها. قال:
فلما تقارب من أبى طالب الموت قال: نظر العباس إليه يحرك شفتيه، قال:
فأصغى إليه بأذنه، قال: فقال: يا بن أخي، والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم أسمع.
قال: وأنزل الله تعالى في الرهط الذين كانوا اجتمعوا إليه، وقال لهم ما قال، وردوا عليه ما ردوا: {ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق - 1، 7 من سورة ص} إلى قوله تعالى: {أجعل الآلهة إلها واحدا، إن هذا لشئ عجاب، وانطلق الملا منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشئ يراد، ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} - يعنون النصارى، لقولهم: {إن الله ثالث ثلاثة} - {إن هذا إلا اختلاق} ثم هلك أبو طالب.
سفر الرسول إلى ثقيف يطلب النصرة قال ابن إسحاق: ولما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تنال منه في حياة عمه أبى طالب، فخرج رسول الله