قال ابن إسحاق: وقال كعب بن أسد، وابن صلوبا، وعبد الله بن صوريا، وشأس بن قيس، بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد، لعلنا نفتنه عن دينه، فإنما هو بشر، فأتوه فقالوا له: يا محمد، إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وسادتهم، وأنا إن اتبعناك اتبعتك يهود، ولم يخالفونا، وأن بيننا وبين بعض قومنا خصومة، أفنحاكمهم إليك فتقضى لنا عليهم، ونؤمن بك ونصدقك؟
فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، فأنزل الله فيهم: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك، فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم، وإن كثيرا من الناس لفاسقون، أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون؟ - 49، 50 من سورة المائدة}.
قال ابن إسحاق: وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر منهم: أبو ياسر ابن أخطب، ونافع بن أبي نافع، وعازر بن أبي عازر، وخالد، وزيد، وإزار ابن أبي إزار، وأشيع، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {نؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى، وما أوتى النبيون من ربهم، لا نفرق بين أحد منهم، ونحن له مسلمون} فلما ذكر عيسى بن مريم جحدوا نبوته، وقالوا: لا نؤمن بعيسى بن مريم ولا بمن آمن به. فأنزل الله تعالى فيهم: {قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون - 59 من سورة المائدة}.
وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن حارثة، وسلام بن مشكم، ومالك بن الضيف، ورافع بن حريملة، فقالوا: يا محمد، ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه، وتؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد أنها من الله الحق؟