قال ابن هشام: سألت غير واحد من أهل العلم بالشعر عن هذا الزجر، فقالوا: بلغنا أن علي بن أبي طالب ارتجز به، فلا يدرى أهو قائله أم غيره.
قال ابن إسحاق: فأخذها عمار بن ياسر، فجعل يرتجز بها.
قال ابن هشام: فلما أكثر، ظن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إنما يعرض به، فيما حدثنا زياد بن عبد الله [البكائي] عن ابن إسحاق.
وقد سمى ابن إسحاق الرجل.
قال ابن إسحاق: فقال: قد سمعت ما تقول منذ اليوم يا بن سمية، والله إن لأراني سأعرض هذه العصا لأنفك. قال: وفى يده عصا. قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ما لهم ولعمار! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، إن عمارا جلدة ما بين عيني (1) وأنفى، فإذا بلغ ذلك من الرجل فلم يستبق فاجتنبوه.
قال ابن هشام: وذكر سفيان بن عيينة عن زكريا عن الشعبي، قال:
[إن] أول من بنى مسجدا عمار بن ياسر.
قال ابن إسحاق: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبى أيوب حتى بنى له مسجد ومساكنه، ثم انتقل إلى مساكنه من بيت أبى أيوب، رحمة الله عليه ورضوانه.
قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي رهم السماعي قال: حدثني أبو أيوب قال: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي نزل في السفل، وأنا وأم أيوب في العلو، فقلت له: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي، فاظهر أنت فكن في العلو، وننزل نحن فنكون في السفل، فقال: يا أبا أيوب، إن أرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في سفل البيت.
(هامش ص 345) (1) يكنى بهذه العبارة عن شدة الحب، ومنه قول الشاعر:
يديرونني عن سالم وأديرهم * وجلدة بين العين والأنف سالم