عيرهم الآن تصوب من البيضاء، ثنية التنعيم، يقدمها جمل أورق، عليه غرارتان إحداهما سوداء، والأخرى برقاء. قالت: فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل كما وصف لهم، وسألوهم عن الاناء فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءا ماء ثم غطوه وأنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه، ولم يجدوا فيه ماء. وسألوا الآخرين، وهم بمكة، فقالوا: صدق والله، لقد أنفرنا في الوادي الذي ذكر، وند لنا بعير، فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه، حتى أخذناه.
قصة المعراج [وما شاهد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآيات] قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أتى المعراج، ولم أر شيئا قط أحسن منه. وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء، يقال له: باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال له:
إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك - قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدث بهذا الحديث:
وما يعلم جنود ربك إلا هو - فلما دخل بي قال: من [هو] هذا يا جبريل؟ قال:
[هذا] محمد، قال: أو قد بعث [إليه]؟ قال: نعم، قال: فدعا [لي] بخير وقاله.
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: تلقني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا، فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا، يقول خيرا ويدعو به، حتى لقيني ملك من الملائكة، فقال مثل ما قالوا، ودعا بمثل ما دعوا به، إلا أنه لم يضحك، ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره، فقلت لجبريل: يا جبريل، من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك [إلى]، ولم أر منه من البشر مثل الذي