قال ابن هشام: تركنا منها بيتا [واحدا] أقذع فيه.
قال ابن إسحاق: ثم عدا هشام بن الوليد على أبى أزيهر، وهو بسوق ذي المجاز - وكانت عند أبي سفيان بن حرب [عاتكة] بنت أبي أزيهر، وكان أبو أزيهر رجلا شريفا في قومه - فقتله بعقر الوليد الذي كان عنده، لوصية أبيه إياه، وذلك بعد أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ومضى بدر، وأصيب به من أصيب من أشراف قريش من المشركين، فخرج يزيد ابن أبي سفيان، فجمع بنى عبد مناف، وأبو سفيان بذي المجاز، فقال الناس:
أخفر أبو سفيان في صهره، فهو ثائر به، فلما سمع أبو سفيان بالذي صنع ابنه يزيد - وكان أبو سفيان رجلا حليما منكرا، يحب قومه حبا شديدا - انحط سريعا إلى مكة، وخشي أن يكون بين قريش حدث في أبى أزيهر، فأتى ابنه وهو في الحديد، في قومه من بنى عبد مناف والمطيبين، فأخذ الرمح من يده ثم ضرب به على رأسه ضربة هده منها، ثم قال له: قبحك الله! أتريد أن تضرب قريشا بعضهم ببعض في رجل من دوس؟ سنؤتيهم العقل إن قبلوه، وأطفأ ذلك الامر.
فانبعث حسان بن ثابت يحرض في دم أبى أزيهر، ويعير أبا سفيان خفرته ويجبنه، فقال:
غدا أهل ضوجى ذي المجاز كليهما * وجار ابن حرب بالمغمس ما يغدو ولم يمنع العير الضروط ذماره * وما منعت مخزاة والدها هند كساك هشام بن الوليد ثيابه * فأبل وأخلف مثلها جددا بعد قضى وطرا منه فأصبح ماجدا * وأصبحت رخوا ما تخب وما تعدو فلو أن أشياخا ببدر تشاهدوا * لبل نعال القوم معتبط ورد فلما بلغ أبا سفيان قول حسان قال: يريد [حسان] أن يضرب بعضنا ببعض في رجل من دوس؟ بئس والله ما ظن!