لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصبر في الحرب، صدق اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله. فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشطه ذلك، ثم قال: سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم.
ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذفران، فسلك على ثنايا، يقال لها: الأصافر، ثم انحط منها إلى بلد يقال له: الدبة، وترك الحنان بيمين، وهو كثيب عظيم كالجبل العظيم، ثم نزل قريبا من بدر، فركب هو ورجل من أصحابه.
قال ابن هشام: الرجل هو أبو بكر الصديق.
قال ابن إسحاق: كما حدثني محمد بن يحيى بن حبان -: حتى وقف على شيخ من العرب، فسأله عن قريش، وعن محمد وأصحابه، وما بلغه عنهم، فقال الشيخ:
لا أخبركما حتى تخبران ممن أنتما؟ فقال [له] رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أخبرتنا أخبرناك. قال: أذاك بذلك؟ قال: نعم، قال الشيخ: فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرني، فهم اليوم بمكان كذا وكذا، للمكان الذي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا، للمكان الذي فيه قريش. فلما فرغ من خبره، قال: ممن أنتما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن من ماء، ثم انصرف عنه.
قال يقول الشيخ: ما من ماء! أمن ماء العراق؟.
قال ابن هشام: يقال: ذلك الشيخ: سفيان الضمري.