ثم قال فيما قال فنحاص والأحبار معه من يهود: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه، فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا، فبئس ما يشترون * لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم - 187 و 188 من سورة آل عمران}، يعنى فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار، الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من ضلالة، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، أن يقول الناس: علماء، وليسوا بأهل علم، لم يحملوهم على هدى ولا حق، ويحبون أن يقول الناس:
قد فعلوا.
قال ابن إسحاق: وكان كردم بن قيس، حليف كعب بن الأشرف، وأسامة بن حبيب، ونافع بن أبي نافع، وبحري بن عمرو، وحيى بن أخطب، ورفاعة بن زيد بن التابوت، يأتون رجالا من الأنصار كانوا يخالطونهم، ينتصحون لهم، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون لهم:
لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون علام يكون. فأنزل الله فيهم: {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله}، أي من التوراة، التي فيها تصديق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم {وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا، والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}، إلى قوله: {وكان الله بهم عليما - 37، 39 من سورة النساء}.
قال ابن إسحاق: وكان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود، إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه، وقال: أرعنا سمعك يا محمد، حتى نفهمك، طعن في الاسلام وعابه. فأنزل الله فيه: {ألم تر إلى الذين أتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل، والله