قالوا: مالنا بكم من حاجة. ثم نادى مناديهم: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي، فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا: من أنتم؟ قال عبيدة:
عبيدة، وقال حمزة: حمزة، وقال على: على، قالوا: نعم، أكفاء كرام.
فبارز عبيدة، وكان أسن القوم، عتبة [بن] ربيعة، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة وبارز على الوليد بن عتبة، فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما على فلم يمهل الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وكر حمزة وعلى بأسيافهما على عتبة فذففا عليه، واحتملا صاحبهما، فحازاه إلى أصحابه.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن عتبة بن ربيعة قال للفتية من الأنصار، حين انتسبوا: أكفاء كرام، إنما نريد قومنا.
قال ابن إسحاق: ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم، وقال: إن اكتنفكم القوم فانضحوهم (1) عنكم بالنبل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش، معه أبو بكر الصديق.
فكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان.
قال ابن إسحاق: كما حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين.
قال ابن إسحاق: وحدثني حبان بن واسع بن حبان عن أشياخ من قومه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفى يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية، حليف بنى عدى بن النجار - قال ابن هشام: ويقال: سواد [مثقلة] وسواد في الأنصار غير هذا، مخفف - وهو مستنتل من الصف - قال ابن هشام: ويقال: مستنصل من الصف - فطعن (هامش ص 456) (1) في ا " فانضخوهم " بالخاء المعجمة.