ثم بنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش، فكان فيه.
قال ابن إسحاق: وقد ارتحلت قريش حين أصبحت، فأقبلت، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم تصوب من العقنقل - وهو الكثيب الذي جاءوا منه إلى الوادي - قال: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحنهم الغداة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - [وقد] رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر - " إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر، فإن يطيعوه يرشدوا ".
وقد كان خفاف بن أيماء بن رحضة الغفاري، أو أبوه أيماء بن رحضة الغفاري، بعث إلى قريش، حين مروا به، ابنا له بجزائر أهداها لهم، وقال:
إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا. قال: فأرسلوا إليه مع ابنه: وصلتك رحم، قد قضيت الذي عليك، فلعمري لئن كنا إنما نقاتل الناس فما بنا من ضعف عنهم، ولئن كنا إنما نقاتل الله، كما يزعم محمد، فما لأحد بالله من طاقة.
فلما نزل الناس أقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيهم حكيم بن حزام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
دعوهم. فما شرب منه رجل يومئذ إلا قتل، إلا ما كان من حكيم بن حزام، فإنه لم يقتل، ثم أسلم بعد ذلك، فحسن إسلامه، فكان إذا اجتهد في يمينه، قال: لا والذي نجاني من يوم بدر.
قال ابن إسحاق: وحدثني أبي إسحاق بن يسار وغيره من أهل العلم، عن أشياخ من الأنصار، قالوا: لما اطمأن القوم، بعثوا عمير بن وهب الجمحي فقالوا: احزر لنا أصحاب محمد، قال: فاستجال بفرسه حول العسكر ثم رجع إليهم، فقال: ثلاث مئة رجل، يزيدون قليلا أو ينقصون، ولكن أمهلوني