وأمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لا أركب بعيرا ليس لي، قال: فهي لك يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، قال: لا، ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به؟ قال: كذا وكذا، قال: قد أخذتها به، قال: هي لك يا رسول الله، فركبا وانطلقا، وأردف أبو بكر الصديق رضي الله عنه عامر ابن فهيرة مولاه خلفه، ليخدمهما في الطريق.
قال ابن إسحاق: فحدثت عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش، فيهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا على باب أبى بكر، فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك با بنت أبي بكر؟ قالت: قلت: لا أدرى والله أين أبى! قالت: فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشا خبيثا، فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي.
قالت: ثم انصرفوا، فمكثنا ثلاث ليال، وما ندري أين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أقبل رجل من الجن من أسفل مكة، يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب، وإن الناس ليتبعونه يسمعون صوته وما يرونه، حتى خرج من أعلى مكة وهو يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه * رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر ثم تروحا * فأفلح من أمسى رفيق محمد ليهن بنى كعب مكان فتاتهم * ومقعدها للمؤمنين بمرصد قال ابن هشام: أم معبد بنت كعب، امرأة من بنى كعب، من خزاعة.
وقوله: " حلا خيمتي "، و " هما نزلا بالبر ثم تروحا " عن غير ابن إسحاق.
قال ابن إسحاق: قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: فلما سمعنا قوله، عرفنا حيث وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن وجهه إلى المدينة، وكانوا أربعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه، وعامر بن فهيرة مولى أبى بكر، وعبد الله بن أرقط دليلهما.