ولم يكن بقى من بني قريظة إلا اثنا عشر رجلا، فدفعهم إلى الأوس، فدفع إلى كل رجلين من الأوس رجلا من بني قريظة، وقال: ليضرب فلان وليذفف فلان، فكان ممن دفع إليهم كعب بن يهوذا، وكان عظيما في بني قريظة فدفعه إلى محيصة بن مسعود، وإلى أبى بردة بن نيار - وأبو بردة هو الذي رخص له رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يذبح جذعا من المعز في الأضحى - وقال: ليضربه محيصة وليذفف عليه أبو بردة، فضربه محيصة ضربة لم تقطع، وذفف أبو بردة فأجهز عليه، فقال حويصة، وكان كافرا، لأخيه محيصة:
أقتلت كعب بن يهوذا؟ قال: نعم، فقال حويصة: أما والله لرب شحم قد نبت في بطنك من ماله، إنك للئيم يا محيصة، فقال له محيصة: لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لقتلتك، فعجب من قوله ثم ذهب عنه متعجبا.
فذكروا أنه جعل يتيقظ من الليل: فيعجب من قول أخيه محيصة، حتى أصبح وهو يقول: والله إن هذا لدين، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، فقال محيصة في ذلك أبياتا قد كتبناها.
قال ابن إسحاق: وكانت إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه من بحران جمادى الآخرة ورجبا وشعبان وشهر رمضان، وغزته قريش غزوة أحد في شوال سنة ثلاث.
تم - بحمد الله - الجزء الثاني من سيرة ابن هشام، ويليه - إن شاء الله - الجزء الثالث مفتتحا بالقول على " غزوة أحد " والله المسؤول أن يعين على إتمامه، بمنه وفضله.