فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه، فمر به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء، فعمي. ومر بن الأسود بن عبد يغوث، فأشار إلى بطنه فاستسقى [بطنه] فمات منه حبنا. ومر به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله، كان أصابه قبل ذلك بسنين [وهو يجر سبله] وذلك أنه مر برجل من خزاعة وهو يريش نبلا له، فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش في رجله ذلك الخدش، وليس بشئ فانتقض به فقتله. ومر به العاص ابن وائل، فأشار إلى أخمص رجله، فخرج على حمار له يريد الطائف، فربض به على شبارقة فدخل في أخمص رجله شوكة فقتلته. ومر به الحارث ابن الطلاطلة، فأشار إلى رأسه فامتخض قيحا، فقتله.
قصة أبى أزيهر الدوسي قال ابن إسحاق: فلما حضرت الوليد الوفاة دعا بنيه، وكانوا ثلاثة:
هشام بن الوليد، والوليد بن الوليد، وخالد بن الوليد، فقال لهم: أي بنى، أوصيكم بثلاث، فلا تضيعوا فيهن: دمى في خزاعة فلا تطلنه، والله إني لأعلم أنهم منه براء، ولكني أخشى أن تسبوا به بعد اليوم، ورباى في ثقيف، فلا تدعوه حتى تأخذوه، وعقري عند أبي أزيهر الدوسي، فلا يفوتنكم به. وكان أبو أزيهر قد زوجه بنتا [له]، ثم أمسكها عنه، فلم يدخلها عليه حتى مات.
فلما هلك الوليد بن المغيرة وثبت بنو مخزوم على خزاعة يطلبون منهم عقل الوليد، وقالوا: إنما قتله سهم صاحبكم - وكان لبني كعب حلف من [بنى] عبد المطلب بن هاشم - فأبت عليهم خزاعة ذلك، حتى تقاولوا أشعارا، وغلظ بينهم الامر، وكان الذي أصاب الوليد سهمه رجلا من بنى كعب بن عمرو، من خزاعة - فقال عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم:
إني زعيم أن تسيروا فتهربوا * وأن تتركوا الظهران تعوي ثعالبه وأن تتركوا ماء بجزعة أطرقا * وأن تسألوا: أي الأراك أطايبه