الله لقوى عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر، ولله عاقبة الأمور - 40 و 41 من سورة الحج}، أي أنى إنما أحللت لهم القتال لانهم ظلموا، ولم يكن لهم ذنب فيما بينهم وبين الناس إلا أن يعبدوا الله، وأنهم إذا ظهروا أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعرف ونهو عن المنكر، يعنى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين، ثم أنزل الله تبارك وتعالى عليه: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة - 193 من سورة البقرة}، أي حتى لا يفتن مؤمن عن دينه {ويكون الدين لله}، أي حتى يعبد الله لا يعبد معه غيره.
قال ابن إسحاق: فلما أذن الله تعالى له صلى الله عليه وسلم في الحرب، وبايعه هذا الحي من الأنصار على الاسلام والنصرة له ولمن اتبعه، وأوى إليهم من المسلمين، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلمين، بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها، واللحوق بإخوانهم من الأنصار، وقال: إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها، فخرجوا أرسالا، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة، والهجرة إلى المدينة.
ذكر المهاجرين إلى المدينة فكان أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين من قريش، من بنى مخزوم: أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، واسمه عبد الله، هاجر إلى المدينة قبل بيعة أصحاب العقبة بسنة، كان قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أرض الحبشة، فلما آذته قريش وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار، خرج إلى المدينة مهاجرا.