قال ابن إسحاق: وحدثني الزهري: أنه قال: أتى بنى عامر بن صعصعة، فدعاهم إلى الله عز وجل، وعرض عليهم نفسه، فقال له رجل منهم - يقال له:
بيحرة بن فراس - قال ابن هشام: فراس ابن عبد الله بن سلمة [الخير] بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة -: والله، لو أنى أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال له: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الامر من بعدك؟ قال: الامر إلى الله يضعه حيث يشاء، قال: فيقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الامر لغيرنا! لا حاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه.
فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم، قد كانت أدركته السن، حتى لا يقدر أن يوافي معهم المواسم، فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم، فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم، فقالوا:
جاءنا فتى من قريش، ثم أحد بنى عبد المطلب، يزعم أنه نبي، يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا، قال: فوضع الشيخ يديه على رأسه ثم قال: يا بنى عامر، هل لها من تلاف؟ هل لذناباها من مطلب؟ والذي نفس فلان بيده، ما تقولها إسماعيلي قط، وإنها لحق، فأين رأيكم كان عنكم؟
قال ابن إسحاق: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك من أمره، كلما اجتمع له الناس بالموسم أتاهم يدعو القبائل إلى الله وإلى الاسلام، ويعرض عليهم نفسه، وما جاء به من الله من الهدى والرحمة، وهو لا يسمع بقادم يقدم مكة من العرب، له اسم وشرف إلا تصدى له، فدعاه إلى الله، وعرض عليه ما عنده.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، ثم الظفري عن أشياخ من قومه، قالوا: قدم سويد بن صامت، أخو بنى عمرو بن عوف، مكة حاجا أو معتمرا، وكان سويد إنما يسميه قومه فيهم: الكامل، لجلده