مكة، فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة، من أوسط أيا التشريق، حين أراد الله بهم ما أراد من كرامته، والنصر لنبيه، وإعزاز الاسلام وأهله، وإذلال الشرك وأهله.
قال ابن إسحاق: حدثني معبد بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين، أخو بنى سلمة، أن أخاه عبد الله بن كعب، وكان من أعلم الأنصار، حدثه أن أباه كعبا حدثه، وكان كعب ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها.
قال: خرجنا في حجاج قومنا من المشركين، وقد صلينا وفقهنا، ومعنا البراء ابن معرور، سيدنا وكبيرنا، فلما وجهنا لسفرنا، وخرجنا من المدينة، قال البراء لنا: يا هؤلاء، إني قد رأيت رأيا، فوالله ما أدرى أتوافقونني عليه أم لا؟
قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: قد رأيت أن لا أدع هذه البنية منى بظهر، يعنى الكعبة، وأن أصلى إليها. قال: فقلنا: والله ما بلغنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصلى إلا إلى الشام، وما نريد أن نخالفه. قال: فقال: إني لمصل إليها. قال:
فقلنا له: لكنا لا نفعل. قال: فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام وصلى إلى الكعبة، حتى قدمنا مكة، قال: وقد كنا عبنا عليه ما صنع، وأبى إلا الإقامة على ذلك، فلما قدمنا مكة قال لي: يا أبى أخي، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نسأله عما صنعت في سفري هذا، فإنه والله لقد وقع في نفسي منه شئ، لما رأيت من خلافكم إياي فيه. قال:
فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنا لا نعرفه، ولم نره قبل ذلك، فلقينا رجلا من أهل مكة، فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هل تعرفانه؟ فقلنا: لا، قال: فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه؟
قال: قلنا: نعم - قال: وقد كنا نعرف العباس، كان لا يزال يقدم علينا تاجرا - قال: فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس. قال: