وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم، فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف على النادي قال له سعد: ما فعلت؟ قال: كلمت الرجلين، فوالله ما رأيت بهما بأسا، وقد نهيتهما، فقالا: نفعل ما أحببت، وقد حدثت أن بنى حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وذلك أنهم [قد] عرفوا أنه ابن خالتك، ليخفروك. قال: فقال سعد مغضبا مبادرا، تخوفا للذي ذكر [له] من بنى حارثة، فأخذ الحربة من يده، ثم قال: والله ما أراك أغنيت شيئا، ثم خرج إليهما، فلما رآهما سعد مطمئنين، عرف سعد أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما، فوقف عليهما متشتما، ثم قال لأسعد بن زرارة: يا أبا أمامة، [أما والله] لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا منى، أتغشانا في دارينا بما نكره؟
- وقد قال أسعد بن زرارة لمصعب بن عمير: أي مصعب، جاءك والله سيد من وراءه من قومه، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان - قال: فقال له مصعب:
أو تقعد فتسمع، فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره؟ قال سعد: أنصفت. ثم ركز الحربة وجلس، فعرض عليه الاسلام وقرأ عليه القرآن. قالا: فعرفنا الله في وجهه الاسلام قبل أن يتكلم، لاشراقه وتسهله، ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟
قالا: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلى ركعتين، قال: فقام فاغتسل وطهر ثوبيه، وتشهد شهادة الحق، ثم ركع ركعتين، ثم أخذ حربته فأقبل عامدا إلى نادى قومه ومعه أسيد بن حضير.
قال: فلما رآه قومه مقبلا قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف عليهم قال: يا بنى عبد الأشهل، كيف تعلمون أمرى فيكم؟ قالوا: سيدنا [وأوصلنا] رأيا، وأيمننا نقيبة، قال: