موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٢
لي أحد منهم (1).
(١) إعلام الورى ١: ١٨٥ وعليه فيكون مقتلها ليلة السبت مساء يوم الجمعة يوم رجوع الرسول من حمراء الأسد، وعبر الواقدي عن هذه العملية لعمير بن عدي بأنها سرية وقال: كان قتلها لمرجع النبي من بدر لخمس ليال بقين من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرا. أي في السنة الثانية. وكذلك ذكرها الكازروني في " المنتقى " قال: وفي هذه السنة كانت سرية عمير بن عدي بن خرشة إلى عصماء بنت مروان اليهودي. ونقله المجلسي (بحار الأنوار ٢٠: ٧). وإخباره للرسول صبيحة يوم السبت بعد الصلاة حيث قال: غدا إليها فقتلها. وكان دفنها كذلك صبيحة السبت حيث قال: فأصبحت فمررت ببنيها وهم يدفنونها.
ووافقت في أكثر ذلك رواية الواقدي، وقال: كانت تقول شعرا تحرض على النبي وتؤذيه وتعيب الإسلام، فبلغ قولها ذلك إلى عمير بن عدي الخطمي، ورسول الله يومئذ ببدر، فقال عمير: اللهم إن لك علي نذرا لئن رددت رسول الله إلى المدينة لأقتلنها (ويلاحظ أن صيغة النذر شرعية).
قال عمير: فلما رجع رسول الله من بدر جئتها في جوف الليل حتى دخلت عليها في بيتها وحولها نفر من ولدها نيام، فجسستها بيدي فوجدت صبيا ترضعه فنحيته عنها، ثم وضعت سيفي في صدرها حتى أنفذته من ظهرها. ثم خرجت حتى صليت الصبح مع النبي بالمدينة، فلما انصرف النبي نظر إلي فقال: أقتلت بنت مروان؟
قلت: نعم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فهل علي في ذلك شئ يا رسول الله؟
قال: لا، لا ينتطح فيها عنزان! (فذهب مثلا) ثم التفت النبي إلى من حوله فقال:
إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب فانظروا إلى عمير بن عدي!
فقال عمر بن الخطاب: انظروا إلى هذا الأعمى الذي تشدد في طاعة الله!
فقال النبي: لا تقل الأعمى ولكنه البصير.
فلما رجع عمير من عند النبي وجد بنيها في جماعة يدفنونها، فلما رأوه مقبلا من المدينة أقبلوا إليه فقالوا له: يا عمير، أنت الذي قتلها؟! قال: نعم! فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون، فوالذي نفسي بيده لو قلتم بأجمعكم ما قالت لضربتكم بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم!
فيومئذ ظهر الإسلام في بني خطمة.
ومن شعرها:
فباست بني مالك والنبيت * وعوف، وباست بني الخزرج أطعتم أتاوي من غيركم * فلا من مراد ولا مذحج ترجونه بعد قتل الرؤوس * كما يرتجى مرق المنضج والأتاوي: الغريب. وقولها هذا يقتضي أن يكون بعد مقتل الكثير منهم في أحد لا في بدر.
فقال حسان يقبح فعلها ويحسن فعل ابن عدي:
بني وائل وبني واقف * وخطمة، دون بني الخزرج متى ما دعت اختكم - ويحها - * بعولتها، والمنايا تجي فهزت فتى ماجدا عرقه * كريم المداخل والمخرج فضرجها من نجيع الدما * ء قبيل الصباح، ولم يحرج فأوردك الله برد الجنان *، جذلان في نعمة المولج مغازي الواقدي ١: ١٧٢ - ١٧٤. هذا عن يوم السبت بعد مرجعه من حمراء الأسد.
وفي يوم الأحد بعده كان ما جاء في خبر " فروع الكافي " عن الصادق (عليه السلام) بشأن أم كلثوم بنت رسول الله، قال: فرجع عثمان من عند النبي فقال لامرأته: إنك أرسلت إلى أبيك فأعلمتيه بمكان عمي (المغيرة بن أبي العاص أخي عفان بن أبي العاص) فحلفت له بالله ما فعلت فلم يصدقها، فأخذ خشبة القتب فضربها ضربا مبرحا!
فأرسلت إلى أبيها تشكو ذلك وتخبره بما صنع. فأرسل إليها: إني لأستحي للمرأة أن لا تزال تجر ذيولها تشكو زوجها! وقال: أقني حياءك، فما أقبح بالمرأة ذات حسب ودين في كل يوم تشكو زوجها! فأرسلت إليه مرات، كل ذلك يقول لها ذلك! فلما كان في الرابعة أرسلت إليه، أن قد قتلني! فلما كان ذلك دعا عليا (عليه السلام) وقال له: خذ السيف واشتمل عليه، ثم ائت بنت ابن عمك فخذ بيدها، فمن حال بينك وبينها فاضربه بالسيف! فدخل علي عليها فأخذ بيدها وجاء بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، فلما نظرت إليه رفعت صوتها بالبكاء!
فاستعبر رسول الله وبكى وأدخلها منزله، فكشفت عن ظهرها فأرته ظهرها! فلما أن رأى ما بظهرها قال - ثلاث مرات - ما له قتلك؟! قتله الله!
وكان ذلك يوم الأحد، وبات عثمان ملتحفا بجاريتها! فمكثت الاثنين والثلاثاء، وماتت في اليوم الرابع. فلما حضر أن يخرج بها (الخروج بها) أمر رسول الله فاطمة (عليها السلام) فخرجت ومعها نساء المؤمنين. وخرج عثمان يشيع جنازتها! فلما نظر إليه النبي قال: من أطاف البارحة بأهله أو بفتاته فلا يتبعن جنازتها. أو قال: من ألم بجاريته الليلة فلا يشهد جنازتها. قال ذلك ثلاثا، فلم ينصرف، فقال في الرابعة: لينصرفن، أو لأسمين باسمه! أو:
ليقومن أو لأسمين باسمه واسم أبيه! فأقبل عثمان متوكئا على (مهين) مولى له ممسكا ببطنه فقال: يا رسول الله إني أشتكي بطني فإن رأيت أن تأذن لي أن أنصرف؟! فقال: انصرف!
وخرجت فاطمة ونساء المؤمنين والمهاجرين فصلين على الجنازة - الخرائج والجرائح ١: ٩٤ - ٩٦. وفروع الكافي ٣: ٢٥١. وفي التهذيب ٣: ٣٣٣. ويخلو الخبران عن اسمها ولكنها أم كلثوم التي تزوجها عثمان بعد وفاة أختها السابقة رقية. ولم يسمها المجلسي ولكنه أورد الخبرين ضمن أخبار رقية، وليست هي.
وقد تعرض العلامة الأميني لأخبار زواج عثمان برقية وأم كلثوم ووفاتهما ومنع النبي إياه من تشييعها أو النزول في قبرها لدفنها، من أرادها فليراجعها بعنوان: الخليفة في ليلة وفاة أم كلثوم. بدأه بخبر البخاري بسنده عن أنس بن مالك قال: شهدنا بنت رسول الله ورسول الله جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان، ثم قال: هل فيكم أحد لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري: أنا، قال: فأنزل في قبرها. قال: فنزل في قبرها فقبرها.
وقد جاء الخبر في لفظ أحمد: أنها رقية، وعقبه السهيلي قال: هو وهم بلا شك.
الروض الأنف ٢: ١٠٧ - الغدير ٨: ٢٣١ - 234.
وروى خبر أنس بن مالك، الدولابي في الذرية الطاهرة: 88 برقم 77 في أخبار أم كلثوم، ثم روى بسنده عن فاطمة الخزاعية عن أسماء بنت عميس قالت: أنا غسلت أم كلثوم مع صفية بنت عبد المطلب. وفيه ما في خبر حضور أسماء بنت عميس في زفاف الزهراء (عليها السلام).
ثم روى بسنده عن أم عطية قالت: توفيت (إحدى بنات النبي) فقال: اغسلنها ثلاثا... واغسلنها بالسدر، واجعلن في الآخرة شيئا من كافور، فإذا فرغتن فأذنني. فلما فرغنا آذناه، فطرح إلينا حقوا فقال: أشعرنها إياه.
وروى بسنده عن ليلى بنت قانف الثقفية قالت: كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله عند وفاتها، ورسول الله جالس على الباب معه كفنها يناولناه ثوبا ثوبا، فكان أول ما أعطانا رسول الله الحقا (الحقوة: معقد الإزار) ثم الدرع، ثم الخمار، ثم الملحفة، ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر. وروى أنه جلس على حفرتها علي والفضل وأسامة بن زيد، ولكنه نقل عن محمد بن عمر (؟) قال: ماتت أم كلثوم بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شعبان في سنة تسع؟! الذرية الطاهرة: 87 برقم 76، ولعل التسع محرف عن الأربع، وشعبان عن شوال.
وعلى أي حال، فالأخبار هذه تحتوي على تأريخ الأغسال الثلاثة للميت وقطع الأكفان للنسوان.