ومنها قوله صلى الله عليه وسلم على أبواب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال وهذا ليس فيه تفضيلها على مكة لأنه أخبر صلى الله عليه وسلم أن المدينة لا يدخلها الدجال.
خرج البخاري ومسلم من طريق الوليد بن مسلم حدثنا عمر حدثنا إسحاق قال: حدثني أنس بن مالك رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: ليس بلد إلا سيطأه الدجال إلا مكة والمدينة وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق وقد صح أن الملائكة تنزل على المصلين في كل بلد كما أخبر صلى الله عليه وسلم أنهم يتعاقبون فينا ملائكة بالليل والنهار فشارك المدينة غيرها من البلاد في حلول الملائكة بها ومنها قوله صلى الله عليه وسلم هي طيبة وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها والله طيبة لكن ليس في هذا فضل لها على مكة واحتجوا بأن عمر رضي الله تبارك وتعالى عنه قال:
لعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة أنت القاتل لمكة خير من المدينة فقال له عبد الله: هي حرم الله وأمنه وفيها قبلته فقال له عمر إني لا أقول في حرم لله ولا في بيت الله شيئا أنت القاتل لمكة خير من المدينة ثم انصرف وهذا ليس فيه إلا أن عبد الله بن عياش وهو أحد الصحابة كان يقول: مكة أفضل من المدينة وليس في هذا الخبر عن عمر رضي الله تبارك وتعالى عنه تفضيل المدينة على مكة ولا تفضيل مكة على المدينة وإنما فيه تقرير عبد الله على هذا القول فقط وقد صح عن عمر رضي الله تبارك وتعالى عنه أن مكة أفضل من المدينة كما تقدم من طريق قاسم بن اصبغ يقول: صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فهذان صاحبان لا يعرف لهما من الصحابة مخالف ومثل هذا حجة عندهم.
وخرج عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن المسيب قال: من يعتكف في مسجد إيليا فاعتكف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أجزأ عنه ومن نذر أن يعتكف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فاعتكف في المسجد الحرام أجزأ عنه فهذا سعيد بن المسيب فقيه أهل المدينة يصرح بفضل مكة على المدينة كفضل