وفي لفظ للبخاري (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت قال لا يا رسول الله، قال: صلى الله عليه وسلم أنكتنها؟ لا يكنى، قال نعم فعند ذلك أمر برجمه.
(1) (فتح الباري): 12 / 162 - 163، كتاب الحدود باب (28) هل يقول الإمام للمقر لعلك لمست أو غمزت؟ حديث رقم (6824) (سنن أبي داود): 4 / 597 كتاب الحدود باب (24) رجم ماعز بن مالك حديث رقم (4427)، (4428).
فتضمنت هذه الأقضية رجم الثيب وأنه لا يرجم حتى يقر أربع مرات وأنه إذا أقر دون الأربع لم يلزم بتكميل نصاب الإقرار بل للإمام أن يعرض عنه ويعرض له بعدم تكميل الإقرار وإن إقرار زائل العقل بجنون أو سكر ملغى لا عبرة به وكذلك طلاقه وعتقه وإيمانه ووصيته وجواز إقامة الحد في المصلى وهذا لا يناقض نهيه أن تقام الحدود في المساجد وإن الحر المحصن إذا زنى بجارية فحده الرجم كما لو زنى بحرة.
وأن الإمام يستحب له أن يعرض للمقر بأن لا يقر وأنه يجب استفسار المقر في محل الاجمال لأن اليد والفم والعين لما كان استمتاعها زنى استفسر عنه دفعا لاحتماله وأن الإمام لا يصرح له أن يصرح باسم الوطء الخاص به إلا عند الحاجة إليه كالسؤال عن الفعل وأن الحد لا يجب على جاهل بالتحريم لأنه صلى الله عليه وسلم سأله عن حكم الزنى فقال أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من أهله حلالا.
وأن الحد لا يقام على الحامل وأنها إذا ولدت الصبي أمهلت حتى ترضعه وتفطمه وأن المرأة يحفر لها دون الرجل وأن الإمام لا يجب عليه أن يبدأ بالرجم.
وأنه لا يجوزسب أهل المعاصي إذا تابوا وأن يصلى على من قتل في حد الزنى وأن المقر إذا استقال في أثناء الحد وفر ترك ولم يتمم عليه الحد فقيل لأنه رجوع وقيل لأنه توبة قبل تكميل الحد فلا يقام عليه كما لو تاب قبل الشروع فيه هذا اختيار شيخنا وأن الرجل إذا أقر أنه زنى بفلانة لم يقم عليه حد القذف مع حد الزنى وأن ما قبض من المال بالصلحالباطل باطل يجب رده وأن الإمام له أن يوكل في استيفاء الحد.
وأن الثيب لا يجمع عليه بين الجلد والرجم لأنه صلى الله عليه وسلم لم يجلد ماعزا ولا الغامدية ولم يأمر أنيسا أن يجلد المرأة التي أرسله إليها وهذا قول الجمهور وحديث عبادة خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب جلد مائة والرجم منسوخ فإن هذا كان في أول الأمر قبل نزول حد الزنى ثم رجم ماعزا والغامدية ولم يجلدهما وهذا كان بعد حديث عبادة بلا شك وأما حديث جابر في (السنن) أن رجلا زنى فأمر به النبي به صلى الله عليه وسلم فجلد الحد ثم أقر أنه محصن فأمر به فرجم فقد قال جابر في الحديث نفسه أنه لم يعلم بإحصانه فجلد ثم علم بإحصانه فرجم رواه أبو داود.
وفيه أن الجهل بالعقوبة لا يسقط الحد إذا كان عالما بالتحريم فإن ماعزا لم يعلم أن عقوبته القتل ولم يسقط هذا الجهل الحد عنه.
وفيه: أنه يجوز للحاكم أن يحكم بالإقرار في مجلسه وإن لم يسمعه معه شاهدان نص عليه أحمد فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لأنيس فإن اعترفت بحضرة شاهدين فارجمهما وأن الحكم إذا كان حقا محضا لله لم يشترط الدعوى به عند الحاكم.
وأن الحد إذا وجب على امرأة جاز للإمام أن يبعث إليها من يقيمه عليها ولا يحضرها وترجم النسائي على ذلك صونا للنساء عن مجلس الحكم.
وأن الإمام والحاكم والمفتي يجوز له الحلف على أن هذا حكم الله عز وجل إذا تحقق ذلك وتيقنه بلا ريب وأنه يجوز التوكيل في إقامة الحدود وفيه نظر فإن هذا استتابة من النبي صلى الله عليه وسلم وتضمن تغريب المرأة كما يغرب الرجل لكن يغرب معها محرما إن أمكن وإلا فلا وقال مالك لا تغريب على النساء لأنهن عورة.