أبا البركات إلى حمدان فلما قرب من الرحبة استأمن إليه كثير من أصحاب حمدان فانهزم حينئذ وقصد العراق مستأمنا إلى بختيار فوصل بغداد في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة فأكرمه بختيار وعظمه وحمل إليه هدية كثيرة جليلة المقدار ومعها كل ما يحتاج إليه مثله وارسل إلى أبي تغلب النقيب أبا أحمد الموسوي والد الشريف الرضي في الصلح مع أخيه فاصطلحوا وعاد حمدان إلى الرحبة وكان مسيره من بغداد في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.
فلما سمع أبو البركات بمسير أخيه حمدان على هذه الصورة فارق الرحبة ودخلها حمدان وراسله أخوه أبو تغلب في الاجتماع فامتنع من ذلك فعاد أبو تغلب وسير إليه أخاه أبا البركات فلما علم حمدان بذلك فارقها فاستولى أبو البركات عليها واستناب بها من يحفظها في طائفة من الجيش وعاد إلى الرقة ثم منها إلى عربان.
فلما سمع حمدان بعوده عنها وكان ببرية تدمر عاد إليها في شعبان فوافاها ليلا فأصعد جماعة من غلمانه السور وفتحوا له باب البلد فدخله ولا يعلم من به من الجند بذلك فلما صار في البلد وأصبح أمر بضرب البوق فبادر من الرحبة من الجند منقطعين يظنون أن صوت البوق من خارج البلد وكل من وصل إلى حمدان أسره حتى أخذهم جميعهم فقتل بعضا واستبقى بعضا، فلما سمع أبو البركات بذلك عاد إلى قرقيسيا واجتمع هو وأخوه حمدان منفردين فلم يستقر بينهما قاعدة فقال أبو البركات لحمدان أنا أعود إلى عربان وأرسل إلى أبي تغلب لعله يجيب إلى ما تلتمسه منه.