وكان معهم رجل يظهر أنه منهم وينقل ما يجري إلى المهدي ودخلوا عليه مرارا فلم يجسروا على قتله، فاتفق أنهم اجتمعوا ليلة عند أبي زاكي فلما أصبحوا لبس أبو عبد الله ثوبه مقلوبا ودخل على المهدي فرأى ثوبه فلم يعرفه به، ثم دخل عليه ثلاثة أيام والقميص بحاله فقال له المهدي ما هذا الأمر الذي أذهلك عن إصلاح ثوبك؟ فهو مقلوب منه ثلاثة أيام فعلمت أنك ما نزعته؛ فقال ما علمت بذلك إلا ساعتي هذه؛ قال أين كنت البارحة والليالي قبلها فسكت أبو عبد الله فقال أليس بت في دار أبي زاكي قال بلى قال ومن الذي أخرجك من دارك قال خفت قال وهل يخاف الإنسان إلا من عدوه فعلم أن أمره ظهر للمهدي فخرج وأخبر أصحابه وخافوا وتخلفوا عن الحضور.
فذكر ذلك للمهدي وعنده رجل يقال له ابن القديم كان من جملة القوم وعنده أموال كثيرة من أموال زيادة الله فقال يا مولاي إن شئت أتيتك بهم، ومضى فجاء بهم، فعلم المهدي صحة ما قيل عنه فلاطفهم وفرقهم في البلاد، وجعل أبا زاكي واليا على طرابلس وكتب إلى عاملها أن يقتله عند وصوله، فلما وصلها قتله عاملها وأرسل رأسه إلى المهدي فهرب ابن القديم فأخذ فأمر المهدي بقتله فقتل.
وأمر المهدي عروبة ورجالا معه أن يرصدوا أبا عبد الله وأخاه أبا العباس ويقتلوهما، فلما وصلا إلى قرب القصر حمل عروبة على أبي عبد الله فقال لا تفعل يا بني فقال الذي أمرتنا بطاعته أمرنا بقتلك فقتل هو وأخوه وكان قتلهما في اليوم الذي قتل فيه أبو زاكي فقيل إن المهدي صلى على أبي عبد الله وقال رحمك الله أبا عبد الله وجزاك خيرا بجميل سعيك.