المنصور علة شديدة لأنه لما وصل إلى المنصورية أراد دخول الحمام فنهاه طبيبه إسحاق بن سليمان الإسرائيلي عن ذلك قلم يقبل منه ودخل الحمام ففنيت الحرارة الغريزية منه ولازمه السهر فاقبل إسحاق يعالج المرض والسهر باق بحاله فاشتد ذلك على المنصور فقال لبعض الخدم أما في القيروان طبيب غير إسحاق يخلصني من هذا الأمر قال ههنا شاب قد نشأ الآن اسمه إبراهيم فأمر بإحضاره وشكا إليه ما يجده من السهر فجمع له أشياء منومة وجعلت في قنينة على النار وكلفه شمها فلما أدمن شمها نام.
وخرج إبراهيم وهو مسرور بما فعل وبقي المنصور نائما فجاء إسحاق فطلب الدخول عليه فقيل هو نائم فقال ان كان له شيء ينام منه فقد مات فدخلوا عليه فوجدوه ميتا فدفن في قصره وأرادوا قتل إبراهيم فقال إسحاق ما له ذنب إنما داواه بما ذكره الأطباء غير أنه جهل أصل المرض وما عرفتموه وذلك أنني كنت في معالجته أنظر في تقوية الحرارة الغريزة وبها يكون النوم فلما عولج بالأشياء المطفئة لها علمت أنه قد مات.
ولما مات ولي الأمر بعده ابنه معد وهو المعز لدين الله وأقام في تدبير الأمور إلى سابع ذي الحجة فأذن للناس فدخلوا عليه وجلس لهم فسلموا عليه بالخلافة وكان عمره أربعا وعشرين سنة.
فلما دخلت سنة ست وأربعين صعد جبل أوراس وجال فيه عسكره وهو ملجأ كل منافق على الملوك وكان فيه بنو كملان ومليلة وقبيلتان من هوارة لم يدخلوا في طاعة من تقدمه فأطاعوا المعز ودخلوا معه