واستقر بها كما ذكرناه وغزا الروم الذين بها عدة غزوات فاستمدوا بملك القسطنطينية فسير إليهم جيشا كثيرا فنزلوا إذرنت فأرسل الحسن بن علي إلى المنصور يعرفه الحال فسير إليه فهادن أهل جراجة على مال يؤدونه وسار إلى الروم فلما سمعوا بقربه منهم وبث السرايا في أرض قلورية وحاصر الحسن جراجة أشد حصار فأشرف أهلها على الهلاك من شدة العطش ولم يبق إلا أخذها فأتاه الخبر أن عسكر الروم واصل إليه فهادن أهل جراجة على مال يؤدونه وسار إلى الروم فلما سمعوا بقربه منهم انهزموا بغير قتال وتركوا اذرنت.
ونزل الحسن على قلعة قسانة وبث سراياه تنهب فصالحه أهل قسانة على مال ولم يزل كذلك إلى شهر ذي الحجة وكان المصاف بين المسلمين وعسكر قسطنطينية ومن معه من الروم الذين بصقلية ليلة الأضحى واقتتلوا واشتد القتال فانهزم الروم وركبهم المسلمون يقتلون ويأسرون إلى الليل وغنموا جميع أثقالهم وسلاحهم ودوابهم وسير الرؤوس إلى مدائن صقلية وأفريقية وحصر الحسن جراجة فصالحوه على مال يحملونه ورجع عنهم وسير سرية إلى مدينة بطرقوقة ففتحوها وغنموا ما فيها ولم يزل الحسن بجزيرة صقلية إلى سنة إحدى وأربعين [وثلاثمائة] فمات المنصور فسار عنها إلى أفريقية واتصل بالمعز بن المنصور واستخلف على صقلية ابنه أبا الحسين أحمد.