وحصرهم بالمدينة، فأرسل إلى القائم بالمهدية يعرفه أن أهل صقلية قد خرجوا عن طاعته وخالفوا عليه ويستمده فأمده القائم بجيش واستعمل عليهم خليل بن إسحاق فساروا حتى وصلوا إلى صقلية فرأى خليل من طاعة أهلها ماسره وشكوا إليه من ظلم سالم وجوره وخرج إليه النساء والصبيان يبكون ويشكون فرق الناس لهم وبكوا لبكائهم.
وجاء أهل البلاد إلى خليل وأهل جرجنت فلما وصلوا اجتمع بهم سالم وأعلمهم أن القائم قد أرسل خليلا لينتقم منهم بمن قتلوا من عسكره فعاودوا الخلاف فشرع خليل في بناء مدينة على مرسى المدينة وحصنها ونقض كثيرا من المدينة وأخذ أبوابها وسماها الخالصة.
ونال الناس شدة في بناء المدينة فبلغ ذلك أهل جرجنت فخافوا وتحقق عندهم ما قال لهم سالم وحصنوا مدينتهم واستعدوا للحرب، فسار إليهم خليل في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وثلاثمائة وحصرهم فخرجوا إليه والتحم والقتال واشتد الأمر وبقي محاصرا لهم ثمانية أشهر لا يخلو يوم من قتال وجاء الشتاء فرحل عنهم في ذي الحجة إلى الخالصة فنزلها.
ولما دخلت سنة سبع وعشرين [ثلاثمائة] خالف على خليل جميع القلاع وأهل مازر كل ذلك بسعي أهل جرجنت وبثوا سراياهم واستفحل أمرهم وكاتبوا ملك القسطنطينية يستنجدونه فأمدهم بالمراكب فيها الرجال والطعام فكتب خليل إلى القائم يستنجده فبعث إليه جيشا كثيرا فخرج خليل بمن معه من أهل صقلية فحصروا قلعة أبي ثور فملكوها