من الغنم فإنها كانت ثلاثة آلاف رأس سوى المطبوخ وكان فيه من الدجاج وغيره من أنواع الطير زيادة على عشرة آلاف عدد وعمل من ألوان الحلواء ما لا يحد وعزم على أن يجمع الناس على ذلك السماط فإذا فرغوا قام إلى مجلس الشراب ويشعل النيران فيتفرج.
فلما كان آخر النهار ركب وحده وغلمانه رجالة وطاف بالسماط ونظر إليه وإلى تلك الأحطاب فاستحقر الجميع لسعة الصحراء وتضجر وغضب ولعن من صنعه ودبره فخافه من حضر فعاد ونزل ودخل خركاة له فنام فلم يجسر أحد [أن] يكلمه.
واجتمع الأمراء والقواد وغيرهم وأرجفوا عليه فمن قائل إنه غضب لكثرته لأنه كان بخيلا ومن قائل إنه قد اعتراه جنون وقيل بل أوجعه فؤاده وقيل غير ذلك وكادت الفتنة تثور.
وعرف العميد وزيره صورة الحال فأتاه ولم يزل حتى استيقظ وعرفه ما الناس فيه فخرج وجلس على الطعام وأكل ثلاث لقم ثم قام ونهب الناس الباقي ولم يجلس للشراب وعاد إلى مكانه وبقي في معسكره بظاهر أصبهان ثلاثة أيام لا يظهر.
فلما كان اليوم الرابع تقدم بإسراج الدواب ليعود من منزلته إلى دار بأصبهان فاجتمع ببابه خلق كثير وبقيت الدواب مع الغلمان وكثر صهيلها ولعبها والغلمان يصيحون بها لتسكن من الشغب وكانت مزدحمة فارتفع من الجميع أصوات هائلة.