ثم أخذ القاهر وأحضر عند المقتدر فاستدناه فأجلسه عنده وقبل جبينه وقال له يا أخي قد علمت أنه لا ذنب لك وأنك قهرت ولو لقبوك بالمقهور لكان أولى من القاهر والقاهر يبكي ويقول يا أمير المؤمنين نفسي نفسي أذكر الرحم التي بيني وبينك فقال له المقتدر وحق رسول الله لا جرى عليك سوء مني أبدا ولا وصل أحد إلى مكروهك وأنا حي فشكر وأخرج رأس نازوك ورأس أبي الهيجاء وشهرا ونودي عليهما هذا جزاء من عصي مولاه.
وأما بني بن نفيس فإنه كان من أشد القوم على المقتدر فأتاه الخبر برجوعه إلى الخلافة فركب جوادا وهرب عن بغداد وغير زيه وسار حتى بلغ الموصل وسار منها إلى أرمينية وسار حتى دخل القسطنطينية وتنصر.
وهرب أبو السرايا نصر بن حمدان أخو أبي الهيجاء إلى الموصل وسكنت الفتنة وأحضر المقتدر أبا علي بن مقلة وأعاده إلى وزارته وكتب إلى البلاد بما تجدد له وأطلق للجند أرزاقهم وزادهم وباع ما في الخزائن من الأمتعة والجواهر وأذن في بيع الأملاك من الناس فبيع ذلك بأرخص الأثمان ليتم أعطيات الجند.
وقد قيل إن مؤنسا المظفر لم يكن مؤثرا لما جرى على المقتدر من الخلع وإنما وافق الجماعة مغلوبا على رأيه ولعلمه أنه إن خالفهم لم ينتفع به المقتدر،