فرقتما، فقالت المرأة: رضيت بما في كتاب الله علي ولي فقال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال علي عليه السلام: كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به " وقد احتج بهذا الخبر الفريقان، فالأول من حيث إنه اعتبر رضاهما وإقرارهما، الثاني من حيث جعل الجمع والتفريق إلى الحكمين، وقوله عليه السلام: " حتى تقر " أي ليس لك أن تمتنع، بل عليك أن تنقاد لحكم الله تعالى، كما انقادت هي، وهذا أشبه بمذهب ابن الجنيد ".
قلت: يمكن تنزيل الخبر على تلك الأخبار أيضا على معنى أنه لا بد من اتفاقهما على كيفية الحكم على الاصلاح خاصة أو عليه وعلى التفريق، نعم يظهر منه وجوب تبعية الآخر عن إرادة تعميم التحكيم.
وكيف كان فعلي ما قلناه إذا رأى حكم الرجل أن يطلق بغير عوض طلق مستقلا به، لأن حكم المرأة لا صنع له بالطلاق، ولا يزيد على واحدة، لكن إن راجع الزوج وداما على الشقاق زاد إلى أن يستوفي الطلقات الثلاث، وإن رأي الخلع وساعده حكم المرأة تخالعا: وإن اختلفا وقف، وينبغي أن يخلو حكم الرجل بالرجل وحكم المرأة بالمرأة خلوة غير محرمة ليعرفان ما عندهما وما فيه رغبتهما، وإذا اجتمعا لم يخف أحدهما على الآخر بما علم، ليتمكنا من رأي الصواب وينقدح ما رأياه صوابا بشرطه، فإن اختلف رأيهما بعث إليهما آخرين حتى يجتمعا على شئ، وينبغي للحكمين إخلاص النية في السعي وقصد الاصلاح فمن حسنت نيته فيما تحراه أصلح الله مسعاه، وكان ذلك سببا لحصول مسعاه، كما ينبه عليه قوله تعالى (1): " إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما " ومفهوم الشرط يقتضي أن عدم التوفيق بين الزوجين يدل على فساد قصد الحكمين وأنهما لم يجتمعا على قصد الاصلاح، بل في نية أحدهما أو هما فساد، فلذلك لم يبلغا المراد والظاهر أنه هو السبب في الفساد في تحكيم ابن العاص وأبي موسى الأشعري في أيام