قبضه ثانيا بيمينه ظلما، فإن نكل عن اليمين ردت على المشتري، فإذا حلف أنه أقبضه الجميع انقطعت عنه المطالبة فإن نكل ألزم بنصيب البايع فقط، لأصالة بقاء الثمن في ذمته، كما هو واضح.
ثم إن كان المشتري قد أقام البينة باقباضه البايع جميع الثمن، كان للإذن المطالبة بحصته قطعا، أما إذا كان ذلك بشاهد ويمين، أو باليمين المردودة فلا، وإن قلنا أنها كالبينة، لأنها كذلك في حق المتخاصمين فيما تخاصما فيه، لا مطلقا.
نعم للشريك حينئذ احلاف البايع على عدم قبض حصته فإن نكل حلف الآذن اليمين المردودة، وأخذ منه، وليس للبايع الرجوع بذلك على المشتري، ولا مخاصمته لأنه بزعمه ظالم.
وربما نوقش بأن ذلك لا يسقط حق الدعوى، بعد أن كان وكيلا عن الشريك في القبض، وقد أغرم للموكل حصته.
ويدفعها أن اعتراف الشريك بقبض البايع يقتضي انعزاله بفعل متعلق الوكالة بل يقتضي سقوط حق الدعوى له على المشتري.
وفي جامع المقاصد " أنه يمكن أن ينظر بوجه آخر، وهو أن البايع قد أدى عن المشتري بأمر الحاكم فله الرجوع، ويجاب بأن ذلك إنما هو مع تحقق الدين وهنا قد برء المشتري منه باقرار الآذن، ويمكن أن يقال: إن اقراره إنما ينفذ في حقه، لا في حق البايع، ونحن لا نلزم المشتري بالدين جزما، ليكون ذلك متوقفا على ثبوته، وإنما تجوز له المخاصمة، والطلب على تقدير الثبوت ".
قلت: فيه ما لا يخفى من عدم الحق للبايع، بعد اعتراف صاحب الحق أنه لا حق للبايع على المشتري، فكيف تتصور المطالبة بحق يعترف صاحبه بسقوطه.
نعم قد يقال: إن له المقاصة مع امكانها، من غير فرق بين هذا الحق وغيره، فتأمل جيدا.
ثم اعلم أن نكول البايع في خصومة المشتري لا يمنع من حلفه في خصومة الشريك، لأنها خصومة أخرى، وبالعكس، وقد عرفت أن اليمين المردودة كالاقرار