من الموروث وإن كانت دية، لأنها محسوبة من تركته، يوفى منها دينه، وتنفذ وصاياه وكما لا يمتنع ثبوت مال لمورث المولى على عبده، لا يمتنع انتقاله عنه إليه، فيفكه عن الرهن لذلك.
فما عن بعض الشافعية - من الحكم بسقوط المال بانتقاله إلى سيده، ويبقى رهنا قياسا على ما لو كان المال للسيد ابتداء - ضعيف، لما عرفت من أن الانتقال للسيد من الموروث، لأن الدية تنتقل إلى الميت في آخر جزء من أجزاء حياته ولو في جناية العمد في قول، وعلى الأصح فيه ينتقل معوضها الذي هو القصاص، ولذا حسبت مطلقا من تركته، ففي الحقيقة ملك السيد للعبد بذلك جديد، غير الملك الأول الذي كان به رهنا، وقد تقدم سابقا بعض الكلام على هذه المسائل فلاحظ وتأمل.
ولو جنى على عبد مولاه فكالجناية على مولاه في العمد والخطأ، إذا لم يكن المجني عليه مرهونا عند غير مرتهن الجاني، وإلا جاز له العفو على مال في العمد، وهو رقبة العبد وتعين عليه ذلك في الخطأ وفيما لا قصاص له من العمد، ولا يقدح في ذلك قاعدة عدم استحقاقه على ماله مالا بعد أن كان المسلم منها غير الفرض الذي للغير تعلق به.
بل قد يقال: إن الاستحقاق فيه في الحقيقة لمرتهن المقتول وإن كان هو يقدم عليه لو أراد القصاص، أما مع عدم إرادته فيستحق على العبد القاتل دية المقتول لتكون رهنا، وليس إلا نفسه فينتزع وتكون رهنا قهرا، نحو قيمة الرهن المتلف، أو يباع بها وتجعل هي رهنا، وليس ذلك بأعظم من جناية المولى نفسه على المرهون فإنه يضمن قيمته للمرتهن رهنا، وإن كانت الجناية على ماله.
بل قد يقال بتعين العفو له على مال في الأول أيضا، وإن قلنا أن جناية العمد توجب القصاص لا أحد الأمرين، إذ الظاهر اختصاص ذلك بالحر دون العبد الذي صرح غير واحد من الأصحاب بأنه إذا قتل الحر (1) عبدا كان الولي مخيرا