عرفت من أن الحق لهما (ولا يجوز له تسليمه مع وجودهما) وعدم معلومية امتناعهما (إلى الحاكم) الذي لا ولاية له عليهما في هذا الحال، للأصل وغيره (ولا إلى أمين) غير الحاكم و (غيرهما من غير إذنهما) لعدم جواز الايداع للودعي من غير إذن (و) حينئذ ف (لو سلمه) إلى من لا يجوز تسليمه (ضمن) هو ومن تسلمه، وإن كان له الرجوع على العدل مع الغرور.
وفي القواعد (لو لم يمتنعا من القبض فدفعه إلى عدل بغير إذنهما ضمن، ولو أذن له الحاكم ضمن أيضا، لانتفاء ولايته عن غير الممتنع، ويضمن القابض) لكن ينبغي تقييد ضمان الحاكم إذا كان مرادا من الضمير بما إذا كان عامدا، وإلا كان من الخطأ فتأمل، فإنه قد يمنع ضمان الحاكم ابتداء، وإن رجع عليه، وقال في جامع المقاصد: أي ضمن الدافع وإن اغتر بإذن الحاكم، لكن في هذه الحالة يرجع على الحاكم إن تعمد، وإلا فهو من خطأ الحكام) انتهى وإن كان لا يخلو من بحث في الجملة والله العالم.
وكذا يضمن العدل لو سلمه إلى أحدهما من دون إذن الآخر، هو، ومن تسلمه حتى لو كان الراهن على معنى أنه لو تلف في يده تعلق الرهن بقيمته أو مثله، وما عن الأردبيلي - من جواز تسليمه إلى الراهن، لأنه مالك ولاستصحاب جواز تسلمه - غريب، ضرورة عدم اقتضائهما ذلك، بعد تعلق حق المرتهن الذي هو أولى منه في ذلك، ولذا قيل: إنه لو احتمل جواز التسليم إليه كان له وجه، وإن كان فيه أنه لو سلم اقتضاء إطلاق الرهانة التسليم إلى المرتهن، إلا أن مفروض المقام اشتراط وضعه على يد عدل، الظاهر في عدم ذلك.
نعم لو كان وضعه على يده اتفاقا منهما من غير شرط اتجه ذلك، بناء على الاقتضاء المزبور، لكن الذي يظهر من ثاني الشهيدين في المسالك عدم اقتضاء عقد الرهانة مع الاطلاق ذلك، بل يظهر منه أنه مفروغ منه، وهو إن لم يكن إجماعيا محل نظر، وقد ذكرنا في مبحث القبض ما يستفاد منه عدم الاجماع، وما يستفاد منه استحقاق المرتهن الوضع عنده، إلا أن يشترط خلافه فلاحظ وتأمل.