ولو كان له منفعة كالركوب والدر فالمشهور جواز الانتفاع بهما، ويكون بإزاء النفقة وهو في رواية أبي ولاد والسكوني وفي النهاية (إن انتفع، وإلا رجع بالنفقة).
ومنع ابن إدريس من الانتفاع، فإن انتفع تقاصا وعليه المتأخرون، و الروايتان ليستا بصريحتين في المقابلة، ولا مانعتين من المقاصة، نعم تدلان على جواز ذلك وهو حسن، لئلا تضيع المنفعة على المالك نعم يجب استيذانه إن أمكن وإلا فالحاكم).
وفيه مضافا إلى ما عرفت أن ضياع المنفعة على المالك إن لم يستوفها لا يجوز الاستيفاء لأنه أعم من الإذن من المالك والاستناد فيه إلى الخبرين يقضي بالعمل بما فيهما من المقابلة أو المقاصة التي إن لم تكن صريحهما فهي ظاهرهما، وهو حجة كالصريح، فلا مناص حينئذ عن طرح الخبرين بالنسبة إلى ذلك كله في مقابلة ما عرفت، أو حملهما على الإذن ونحوه أو على توقف الحفظ على الانتفاع المزبور، فإن بعض الدواب يفسده عدم الركوب، وعدم الحلب وشرب اللبن، لأنه مما يفسده البقاء، فضمانه بالقيمة كبيعه من غيره، من الاحسان في حفظ الأمانة، والفرض أن حمل الخبرين على ذلك ونحوه أولى من العمل بهما، ومع فرض عدم قبولهما لشئ من ذلك فطرحهما متجه كما هو واضح.
ثم إن المصنف وغيره قد أطلق جواز الانفاق، ولا بد من تقييده بعدم التمكن من إنفاق المالك لامتناع وعدم إمكان جبر، ولا توصل إلى ماله، أو لغيبة كذلك، ضرورة كون النفقة عليه لا على المرتهن، بل قد يظهر من جماعة تقييده أيضا بعدم التمكن من الحاكم، وإلا وجب الرجوع إليه والاستيذان منه، وهو في محله، لأنه ولي الممتنع والغائب في نحو ذلك، بل ربما ظهر من بعضهم اعتبار الاشهاد في الرجوع بما أنفقه عند تعذر المالك والحاكم وإن كان واضح المنع، ضرورة تعسره أو تعذره، فهو مصدق بمقدار ما أنفقه، وفي دعوى نية الرجوع، لأنه أمين شرعي على ذلك، ومع التهمة عليه اليمين، بل ربما ظهر من بعض هنا عدم اعتبار الحاكم، بل يشهد له بعض كلماتهم في باب الوديعة واللقطة، بل عن المهذب البارع، أن من عدا الشهيد لم