والشهيدان وغيرهم من المتأخرين، بل عن المبسوط التصريح بعدم المنع من الثلاثة الأخيرة أيضا لاطلاق دليل المنع، ودعوى حصول الإذن في ذلك خروج عن المبحث.
لكن فيه أن مقتضى الأصول الجواز، ولا يعارضها الاطلاق المزبور، بعد الشك في إرادة ذلك منه، خصوصا بعد فتوى الجماعة به، بل لعل المنساق منه غيره، بل لا ينبغي التأمل في سقي الأشجار ورعي الدواب وعلفها ونحو ذلك، مما يكون سببا لحفظ المال، بل قد يشك في إرادة مطلق التصرف منه، وإن لم يتضمن انتفاعا بحيث يكون كمال الغير الذي يحرم لمسه وحمله ونحوهما.
نعم عن السرائر لا يجوز ضرب الجارية للتأديب، كما أن في القواعد وغيره منعه من قطع السلع، ولعل المراد ما لا يؤمن السلامة معه منهما، وإلا كان محلا للنظر.
بل في المحكي عن الخلاف، إذا زوج الراهن عبده المرهون أو جاريته المرهونة كان تزويجه صحيحا كالمحكي عن المبسوط إلا أنه قال: لا يسلم إلى الزوجة إلا بعد الفك، وفي الدروس وهو قريب، وفي المختلف بعد أن جعل المعتمد عدم الجواز، قال: لو قيل:
له العقد دون التمكين والتسليم، كان وجها.
قلت: هو كذلك لا لاطلاق قوله تعالى (1) (وأنكحوا الأيامى) إلى آخره - المتعارض بما سمعت مما هو مقيد له، ضرورة كون المراد من إطلاق الآية الأمر بالنكاح من حيث هو نكاح، لا الشامل لما تعلق به حق الغير، ومنه يظهر عدم كون المعارضة من وجه بحيث يحتاج إلى مرجح، وإلا لجرى في غير النكاح من خصوص كل تصرف، ولا لأن محل الرهن غير محل التزويج، لما عرفت من المنع من الانتفاع بالرهن المستلزم للتصرف فيه - بل للشك في إرادة مثل هذا التصرف الذي لم يناف حق الرهانة بوجه، ولا فيه تصرف فعلا بالعين، وانتفاع بها، إذ الغرض عدم التسليم إلا بعد الفك.
ومنه ينقدح حينئذ صحة تدبير العبد المرهون كما جزم به في المختلف، خلافا للشيخ، لأنه وصية لا تنفذ إلا بعد وفاء الدين، بل الظاهر جواز غير التدبير من الوصية لذلك، كما يشهد له في الجملة ما صرح به الفاضل والكركي في المفلس الممنوع